العلاقات المصرية – التركية… محطات الخلاف وسبل الانفراجة


«حرب غزة»… اجتماع رباعي في مصر لبحث «الهدنة» و«صفقة الأسرى»

استضافت القاهرة، الثلاثاء، اجتماعاً رباعياً «لبحث موقف التهدئة في غزة»، شارك فيه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، ورئيس «الموساد»، ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل.

ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، عن مصدر رسمي رفيع المستوى، قوله إن «الاجتماع بحث الإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، ووقف إطلاق النار بغزة».

ويأتي الاجتماع، في ظل تعثر جهود الوساطة المصرية – القطرية بشأن التوصل إلى «هدن» في قطاع غزة، مع دخول الحرب بالقطاع شهرها الخامس، لا سيما مع رفض إسرائيل ما طرحته حركة «حماس» من بنود، رداً على الإطار المقترح الذي جرى التوافق عليه في اجتماع استخباراتي مماثل عُقد في باريس، الشهر الماضي.

واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، الثلاثاء، بحضور رئيس المخابرات المصرية، وفق إفادة رسمية للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي. وقال فهمي إن «الاجتماع شهد تأكيد قوة الشراكة الاستراتيجية المصرية – الأميركية»، كما نقل بيرنز تثمين الرئيس الأميركي جو بايدن لجهود مصر الحثيثة في «دفع مسار التهدئة في قطاع غزة، ووقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، بالإضافة إلى دورها المحوري المتواصل في تقديم وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ اندلاع الأزمة».

وشهد اللقاء استعراض تطورات الموقف الحالي، حيث جرى «تأكيد استمرار التشاور والتنسيق المكثف لتحقيق أهداف وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وتفعيل حل الدولتين، بما يعزز جهود إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة»، وفق متحدث «الرئاسة المصرية».

كما استقبل الرئيس المصري، الثلاثاء، أيضاً، رئيس مجلس الوزراء القطري، بحضور رئيس المخابرات المصرية، وعبد الله بن محمد الخليفي، رئيس جهاز أمن الدولة القطري.

الرئيس المصري خلال لقائه رئيس وزراء قطر (الرئاسة المصرية)

وأفاد متحدث الرئاسة المصرية بأن «اللقاء استعرض الجهود الرامية للتوصل لوقف لإطلاق النار بقطاع غزة، وحماية المدنيين من الأوضاع المتدهورة بالقطاع، حيث بحث الجانبان الجهود المشتركة في هذا الصدد، وكذا جهود إنفاذ المساعدات الإنسانية»، مشيراً إلى أن «جرى تأكيد الخطورة البالغة لتصعيد العمليات في رفح بجنوب قطاع غزة، والتحذير من العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء، في ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، مع التشديد على ضرورة تكاتف الجهود الدولية للحيلولة دون اتساع دائرة الصراع وزيادة عوامل التوتر في المنطقة».

تهجير وتهدئة

وقال خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سعيد عكاشة، لـ«الشرق الأوسط» إن «حرص الرئيس المصري على لقاء الوسطاء، هو تأكيد على اهتمام مصر بالقضية الفلسطينية على المستوى السياسي، والتشديد على رفض مخططات التهجير بوصفها (خطاً أحمر)».

وسبق أن أكدت مصر ودول عربية أكثر من مرة رفضهم مخططات تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم، وعدّها الرئيس المصري «تصفية للقضية الفلسطينية». وفي وقت سابق عد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، تهجير الفلسطينيين من غزة «خطاً أحمر».

وتتزامن جهود الوساطة لتحقيق «التهدئة» في غزة مع تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمواصلة الضغط العسكري على رفح جنوب غزة، التي تؤوي نحو 1.4 مليون نازح فلسطيني.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الاثنين، إن «الولايات المتحدة لا تدعم عملية عسكرية واسعة النطاق هناك دون خطة ذات مصداقية للمدنيين في رفح».

وتعليقاً على مباحثات «التهدئة»، قال ميلر إن «العمل العسكري الإسرائيلي يجب ألا يؤثر بأي حال من الأحوال على المفاوضات». وأضاف: «لقد شنت إسرائيل حملة عسكرية مستمرة، لذا لا أعرف لماذا ستغير مجموعة جديدة من الضربات طبيعة هذه المفاوضات»، وفق وكالة «رويترز».

كما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين كبار في الولايات المتحدة قولهم، إنه على الرغم من وجود بنود في مقترح «حماس» تحول دون التوصل إلى اتفاق، إلا أنه «لا يزال يوجد مجال للدفع من أجل اتفاق، وإن هذا هو ما تنوي واشنطن فعله».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

عودة إلى خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذي يرى أن «جولة المفاوضات في القاهرة لن تكون حاسمة، لكنها محاولة للبحث عن منفذ، والاستماع لوجهات نظر الأطراف المختلفة، وبحث إمكانات الدفع في اتجاه الحل والتهدئة». وأضاف أنه «بطبيعة الأمور فإن طرفي الصراع يعتبران الحرب معركة وجود، ومن يقدم تنازلاً سيكون خاسراً أمام شعبه»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن لحركة (حماس) قبول هدنة شبيهة بتلك التي نُفذت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وإلا فستكون قد خسرت المعركة، وبالمثل فإن الأوضاع في تل أبيب متأزمة، والشعب يطالب بالانتقام، ولا توجد حكومة إسرائيلية قادرة على تقديم تنازلات».

محادثات صعبة

في غضون ذلك، نقلت شبكة «سي إن إن»، الثلاثاء، عن مسؤول كبير مطّلع، قوله إن المحادثات التي تجري بالقاهرة حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة ما زالت «صعبة». وأضاف المسؤول أن «الأطراف المشاركة في المفاوضات لم تقترب بعد من التوصل إلى اتفاق نهائي». وتابع قائلاً: «لا صفقة وشيكة بعد».

وتبذل مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية جهوداً للوساطة في الحرب الدائرة في قطاع غزة. وجرى إطلاق سراح ما مجموعه 105 رهائن في نهاية نوفمبر الماضي، في إطار اتفاق تهدئة بين حركة «حماس» وإسرائيل بوساطة مصرية – قطرية، وفي المقابل أطلقت إسرائيل سراح 240 أسيراً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية. وهنا أكد عكاشة أن «المعادلة صفرية»، وقال إن «الحل يكمن في أن يدرك الطرفان أنه لا يستطيع تحقيق أهدافه كاملة».

وكان المسؤول في حركة «حماس»، سامي أبو زهري، قد أكد، مساء الاثنين، أن «(حماس) أبدت مرونة كبيرة لإنهاء العدوان وتبادل الأسرى، لكن الاحتلال لا يزال يماطل، ولا يحترم الجهود التي تبذل»، وفق «رويترز».

ورفضت إسرائيل معظم مطالب «حماس» في ردها على المقترح الأخير بشأن صفقة الأسرى، الذي تضمن 3 مراحل مدة كل منها 45 يوماً، تنتهي بصفقة تبادل جميع الرهائن الإسرائيليين بآلاف الأسرى الفلسطينيين، مع إنهاء الحرب على غزة. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت سابق رفضه ما وصفه بشروط «الاستسلام التي تطرحها (حماس)».