احتفالات «ثورة 17 فبراير» تفاقم التجاذبات بين حكومتي ليبيا


في إطار التجاذبات الدائمة بينهما، أقدمت حكومة «الاستقرار» الليبية، برئاسة أسامة حمّاد، على إلغاء الاحتفالات الرسمية بذكرى «ثورة 17 فبراير»، التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وذلك رداً على ما يُوصف بـ«إسراف وبذخ» غريمتها «الوحدة الوطنية» في طرابلس، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، التي تستعد لإحياء هذه الذكرى في «ميدان الشهداء»، الذي أغلق مساء الخميس.

وعدّت حكومة حمّاد، المكلفة من مجلس النواب، إلغاء الاحتفال «تضامناً مع ضحايا السيول التي ضربت درنة ومدن بشرق ليبيا؛ وحفاظاً على المال العام، وتوظيفاً للإمكانات البشرية والمادية كافة في مجال إعادة إعمار المدن والمناطق المتضررة، عبر صندوق إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة».

«ميدان الشهداء» بوسط طرابلس الليبية يتحضر للاحتفالات (مديرية أمن طرابلس)

كما دافعت الحكومة، التي تتخذ من بنغازي (شرق) مقراً لها، عن موقفها، قائلة إن الإلغاء يعد «تقديراً لما يمر به أهلنا بمدينة زليتن من ارتفاع منسوب المياه الجوفية»، لكنها أوضحت أنه «يسمح للمواطنين الاحتفال بهذه المناسبة، تعبيراً عن حقهم الدستوري في البيوت والشوارع».

ولم تنقطع التجاذبات بين الحكومتين خلال الأسابيع الماضية بشأن مجريات الأحداث في ليبيا وطريقة التعامل معها. علماً أن التقرير الأخير الصادر عن ديوان المحاسبة تحدث عن مخالفات مالية في بعض الجهات، التابعة لحكومة «الوحدة».

ودافع مسؤول بحكومة «الوحدة» عن موقفها بخصوص استعداداتها للاحتفال بـ«ذكرى ثورة 17 فبراير»، وعبّر عن رفضه لـ«المزايدات في الاحتفال بمناسبة وطنية غالية على الشعب الليبي».

وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول للحديث إلى وسائل الإعلام: «أذكر الجميع أن بنغازي احتفلت الشهر الماضي باختيارها عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، لكنّ المناوئين للوحدة يتهمونها بالإسراف والبذخ».

الرئيس الراحل معمر القذافي (الشرق الأوسط)

وسبق أن اتهم الدبيبة حكومة حماد، دون الإشارة إليها صراحة، بإنفاق مبلغ قدره 15 مليار دينار لم يخضع لأي جهة رقابية محلية أو دولية، مما تسبب في ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار. لكن الأخير عد تصريحات الدبيبة «محاولات يائسة للقفز على ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة الأخير من فساد مالي وإداري». (الدولار يساوي 4.83 دينار في السوق الرسمية).

وأطلقت حكومة الدبيبة حملة ترويجية عبر موقعها على «الإنترنت»، عرضت فيه ما أنجزته خلال السنوات الماضية من «إعمار وانتظام للتيار الكهربائي، والسعي لاستقرار البلاد». فيما أجرى الدبيبة جولة تفقدية لمشروع الدائري الثالث، بقصد الاطلاع على سير العمل بالمرحلة الأولى من المشروع، الذي ينفذه «ائتلاف الشركات المصرية»، والتي يتوقع اكتماله في أبريل (نسيان) المقبل.

الدبيبة يتفقد مشروع الدائري الثالث بطرابلس (حكومة الوحدة الليبية المؤقتة)

وأعلنت مديرية أمن طرابلس، (الخميس)، أنه سيتم إغلاق مداخل «ميدان الشهداء» كافة بالعاصمة طرابلس، الخاصة بمرور المركبات في تمام العاشرة من مساء اليوم الخميس، في إطار الاستعدادات للاحتفالات بذكرى «الثورة».

في غضون ذلك، دعت مشاركات ليبيات خلال اجتماع، احتضنته العاصمة البلجيكية بروكسل، إلى «الإنصات لأصواتهن لحل الأزمة السياسية وإنجاح مسار المصالحة الوطنية».

وأوضحت البعثة الأممية أن خمس شابات ليبيات من مناطق مختلفة، أجرين زيارة إلى العاصمة البلجيكية في إطار برنامج «رائدات» التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بهدف التواصل مع الدبلوماسيين الأوروبيين، ومناقشة تأثير الصراع وعدم الاستقرار السياسي على الشباب الليبي. مبرزة أن المشاركات تحدثن عن تجاربهن الشخصية في سياق الأزمة الليبية، والطرق التي يمكن من خلالها إسماع أصواتهن كمساهِمات أساسيات في مسار بناء السلام والتنمية، وعملية المصالحة الوطنية.

ونقلت البعثة عن الليبية ذكرى صالح (26 عاماً) من سبها قولها: «لقد سلطت الضوء خلال النقاش على التحديات والمخاطر التي تواجه الشابات في ليبيا، وأوضحت مدى أهمية أن تكون لدى الشباب تصورات ورؤى عن المستقبل». كما قدمت نبذة عن تأثير الصراع على مدينتها الواقعة جنوب ليبيا، خصوصاً على مجتمع «التبو»، معربة عن امتنانها لربط وشائج التواصل، من خلال برنامج «رائدات»، مع زميلاتها المشاركات من جميع أنحاء ليبيا.

في شأن مختلف، قالت حكومة «الوحدة»، (الخميس) إن وزير الداخلية، عماد الطرابلسي، بحث مع نظيره الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، ملفات الهجرة غير النظامية وتأمين الحدود ومكافحة الجريمة، والتدريب والتأهيل وتبادل المعلومات.

واستغل الطرابلسي اجتماعه بنظيره الإيطالي للدعوة إلى دعم الأجهزة المعنية بالهجرة في ليبيا بالإمكانات اللازمة، بقصد مكافحة تدفق الهجرة، لافتاً إلى أن مشكلة الهجرة تتفاقم، مبرزاً الجهود التي تبذلها الأجهزة المعنية بالهجرة لتأمين الحدود، وتفعيل أبراج المراقبة الإلكترونية وتسيير الدوريات الصحراوية لمراقبة مسالك التهريب.

وزيرا الدولة لشؤون الهجرة غير المشروعة والشؤون الاجتماعية بحكومة «الاستقرار» يبحثان تنظيم عمل المنظمات الأجنبية

من جهة ثانية، بحث وزير الدولة لشؤون الهجرة غير المشروعة بحكومة «الاستقرار»، فتحي التباوي، مع وزير الشؤون الاجتماعية بالحكومة، المبروك محمد غيث، سبل تنظيم عمل المنظمات الدولية والأجنبية العاملة في البلاد، إضافة لملف نازحي دولة السودان الشقيقة، وتأثير ذلك على السكان المحليين في بعض المدن الليبية.