«الجامعة العربية» تُحذر من تبعات اجتياح «رفح» على أمن المنطقة


«غرف الطوارئ»… تجربة تطوعية تساعد المدنيين من الخرطوم إلى دارفور

مع استمرار القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ ما يزيد على عشرة أشهر، تنشط «غرف الطوارئ» في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن التي تشهد قتالاً في إقليمي كردفان ودارفور، في تقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من الصراع.

وبرزت «غرف الطوارئ»، التي شكّلها متطوعون من «لجان المقاومة» الذين كانوا يقودون الاحتجاجات الشعبية قبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، لتعويض غياب السلطات المحلية في مناطق النزاع، وتوقف صرف الرواتب؛ الأمر الذي أدى إلى خروج معظم مؤسسات الدولة عن الخدمة، وبخاصة المرافق الصحية.

وتواصل غرف الطوارئ مساعدة المدنيين العالقين في العاصمة والمناطق الأخرى، على رغم المضايقات والاعتقالات التي يتعرّضون لها من قِبل طرفَي الحرب.

قوة للجيش السوداني بأحد شوارع الخرطوم في 6 مايو الماضي (أ.ف.ب)

وتقول عضو «غرفة الطوارئ» بولاية الخرطوم هند الطائف إن الغرفة تقدم الكثير من المساعدات والخدمات للمواطنين، بدعم من بعض المنظمات المحلية والدولية، التي تتنوع بين توفير الأدوية والمستلزمات الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية العاملة، وتنظيم قوافل أو أيام صحية في بعض المناطق النائية.

كما تعمل «غرفة طوارئ» ولاية الخرطوم، التي تتفرع عنها سبع غرف منتشرة في مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم وأم درمان وبحري، على توفير الغذاء المدعم، وإنشاء مطابخ تكافلية في الأحياء، وتوزيع سلال غذائية على الأسر في بعض المناطق.

وقالت هند لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «غرف الطوارئ تساهم أيضاً في توفير الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء بالتعاون مع الجهات المختصة وإنشاء دور الإيواء في مناطق نزوح المواطنين، والإشراف عليها ورصد الطرق الآمنة، والمساعدة في عمليات الإجلاء لمناطق أكثر أمناً».

وأضافت، أن المتطوعين يواجهون الكثير من العقبات ويتعرضون يومياً للكثير من الانتهاكات.

من مساعدات «مركز الملك سلمان للإغاثة» في ولاية القضارف بالسودان (أرشيفية – واس)

ومضت قائلة: «هذه العقبات والتهديدات تختلف حسب مناطق سيطرة أي من طرفي النزاع، لكن لا يخلو الأمر منها للأسف.كما أن هناك عقبات أمام إيصال المساعدات والمعينات الطبية للمستشفيات والمراكز الصحية، حيث يتم إيقافها ومصادرتها أحياناً قبل أن تصل إلى وجهتها».

وتابعت متحدثة عن متطوعي «غرف الطوارئ»: «يقومون بعملهم في ظروف طبية وصحية سيئة وبالغة التعقيد».

وأضفى انقطاع الاتصالات والإنترنت في السودان منذ ما يزيد على عشرة أيام، مزيداً من الصعوبة على عمل هؤلاء المتطوعين.

وتقول هند: «إن انقطاع الاتصالات والإنترنت، كانت له آثار سلبية على توفير الخدمات، حيث يصعب التواصل بين المتطوعين بالخارج ومقدمي الخدمة بالداخل، كما انقطع التواصل بين المتطوعين في جميع أنحاء ولاية الخرطوم».

وأضافت: «الأهم من ذلك توقف التحويلات البنكية في التطبيقات المختلفة والتي نعتمد عليها تماماً في توفير المال اللازم لتجهيز وتقديم الخدمات، خصوصاً الغذائية».

وتشهد معظم مدن السودان انقطاعاً كاملاً لشبكات الاتصالات والإنترنت، ويتبادل طرفا النزاع، الجيش و«قوات الدعم السريع»، الاتهام بقطع شبكات «سوداني»، و«إم تي إن»، و«زين»، وهي الشركات الثلاث التي تقدم خدمات الاتصالات في البلاد.

ويقول معمر قذافي، عضو مكتب الاتصال الخارجي في «غرفة طوارئ» بابنوسة بولاية غرب كردفان: إن الغرفة تأسست في يوليو (تموز) 2023 لتقديم المساعدة للمدنيين بعد خروج المستشفى الحكومي الوحيد عن الخدمة إثر إضراب الأطباء بسبب توقف الرواتب.

ويضيف قذافي: «الغرفة طرحت فكرة الاستعاضة عن الكوادر الطبية بمتطوعين، واستجاب أكثر من 100 كادر طبي، لكن إدارة المستشفى لم تتعاون معنا للأسف، فتم نقل النشاط إلى أحد المراكز الصحية الخاصة ليومين في الأسبوع، وتمكنا من العمل هناك لمدة أربعة أشهر، قدمنا خلالها خدمة علاجية إلى 2460 مريضاً بمساعدة السلطات المحلية».

غير أن قذافي أكد، «أن غرفة الطوارئ توقفت عن تقديم خدماتها بسبب عجز وزارتَي الصحة والمالية، ومفوضية العون الإنساني والإمدادات الطبية في غرب كردفان، عن مساعدة الغرفة بعد أحداث مدينة بليلة؛ لأن الحرب انتقلت بالفعل إلى الولاية، فتوقف نشاط الغرفة».

أشخاص من ولايتَي الخرطوم والجزيرة ينتظرون تلقي المساعدات (أ.ف.ب)

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على «حقل بليلة النفطي» في ولاية غرب كردفان في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) بعد معارك ضارية مع الجيش السوداني.

وأشار قذافي، إلى أنه بعد انتقال الحرب إلى مدينة بابنوسة «كان دورنا القيام بعمليات إجلاء المواطنين، فقسمنا أنفسنا فِرقاً في الأحياء، وبالفعل تم إجلاء جميع الأسر إلى القرى والأرياف حول بابنوسة ومدينتَي الفولة والمجلد».

ومضى قائلاً: «الفِرق التي ساعدت في إجلاء المدنيين توزعت معهم في القرى، حيث لا توجد شبكات اتصال وأصبح التواصل معهم صعباً عدا بعض المرات التي يتمكنون فيها من الدخول عبر شبكات الإنترنت الفضائي (الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية)».

وتشهد مدينة بابنوسة قتالاً شرساً بين الجيش و«قوات الدعم» منذ أواخر الشهر الماضي، والتي تحاول السيطرة على مقر «الفرقة 22 مشاة» التابع للجيش.

لاجئون سودانيون في غرب دارفور بالسودان (رويترز)

وأشار قذافي، إلى أن السكان الذين نزحوا إلى القرى، «يواجهون عقبات في التواصل، خصوصاً بين أقاربهم داخل المدينة والولايات الأخرى وحتى خارج البلاد، وبعض العائلات فقدت أفراداً منها في خضم الاشتباكات وموجة الفرار من المدينة، ولا تعرف مصيرهم».

وتابع قائلاً: «لعبنا دوراً في جمع عدد من المفقودين مع ذويهم عبر فرقنا المنتشرة في كل القرى، والذين يتنقلون أحياناً سيراً على الأقدام رغم بعد المسافة، وأحياناً بالتواصل عبر ستار لينك (خدمة الإنترنت عن طريق الأقمار الاصطناعية) في حال توفره».

ووفقاً لقذافي، رصدت «غرفة طوارئ» بابنوسة سقوط 16 قتيلاً في صفوف المدنيين منذ اندلاع الاشتباكات هناك الشهر الماضي، فضلاً عن عدد كبير من المفقودين.

وأضاف أن «جميع سكان المدينة رحلوا عنها، وبعضهم نزح سيراً على الأقدام، حيث تخلو بابنوسة حالياً من المدنيين تماماً، ومعظم المنازل تعرّضت للنهب أو القصف».