حقوقيون يطالبون بـ«حوار غير إقصائي» قبل «الرئاسية»


بينما دعا حقوقيون في الجزائر إلى إجراء «حوار وطني لا يقصي أحداً»، يبدأ – حسبهم – بإطلاق سراح معتقلي الرأي وإلغاء القوانين، التي تنص على إجراءات ردعية ضد معارضي النظام، أكدت الحكومة مجدداً أنه «لا يوجد في السجون أشخاص متابعون ولا مدانون بسبب التعبير عن الرأي»، وتنفي عنهم «صفة المعارضين السياسيين».

وصدرت هذه الدعوات عن منظمة «شعاع» الحقوقية، التي أكدت في بيان، مساء أمس (الخميس)، أن الحوار «ينبغي أن يكون بين كل القوى المتمسكة بمطالب الحراك»، الذي مرّ على اندلاعه خمس سنوات (22 فبراير/شباط 2019). كما دعت السياسيين إلى إطلاق «برنامج وطني ديمقراطي تشاركي، يعالج القضايا والمشاكل الحقوقية والسياسية والاقتصادية».

وطالب التنظيم السلطات بـ«وضع حد للتضييق على الحريات، ورفع العراقيل عن ممارسة الحريات الديمقراطية، وتحضير الظروف لتمكين الشعب من التعبير عن إرادته الحرة»، في إشارة، ضمناً، إلى انتخابات الرئاسة المقررة نهاية العام. مبرزاً أن الحراك «طالب بتغيير جذري لمنظومة الحكم، وبانتقال ديمقراطي عبر إصلاحات وبانفتاح سياسي حقيقي».

غياب أي مظاهر لذكرى الحراك الشعبي الذي قام ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة (الشرق الأوسط)

وما لفت بمناسبة ذكرى الحراك الشعبي، الذي قام ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، غياب أي مظهر لإحياء المناسبة من جانب السلطة، ومن جانب القوى السياسية المؤيدة والمعارضة لها. كما لم تتطرق الصحافة في غالبيتها للحدث. وباستثناء منشورات وتعليقات لناشطين ومناضلين سياسيين في منصات الإعلام الاجتماعي، الذين تفاعلوا مع ذكرى المظاهرات المليونية، لم يبد أن البلاد كانت على موعد، قبل سنوات قليلة، مع حدث سياسي استثنائي في تاريخها الحديث.

المقرّرة الأممية لأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان التي زارت الجزائر نهاية 2023 مع قيادي برابطة حقوق الإنسان مقيم بأوروبا (حسابات حقوقيين)

غير أن شوارع العاصمة ومحاورها الرئيسية شهدت تواجداً مكثفاً لقوات الأمن، خاصة في الأماكن التي كانت منطلقاً للمظاهرات كل يوم جمعة عام 2019، مثل «ساحة أول مايو». كما لوحظ وضع نقاط مراقبة لرجال الدرك الوطني في الطرقات السريعة، خصوصاً عند مداخل العاصمة؛ ما أحدث ازدحام سيارات كبيراً. وأوحت هذه الحالة بأن الحكومة كانت تتخوف من قيام الاحتجاجات من جديد، بعد أن أوقفتها بالقوة في 2021 إثر عودتها مع انحسار وباء كورونا.

وتم هذا الانتشار الأمني في اليوم نفسه الذي سافر فيه الرئيس عبد المجيد تبون إلى مدينة تندوف (جنوب غرب)، للقاء الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني؛ الأمر الذي ترك انطباعا بأن هذه التعزيزات تمت من أجل تأمين تنقل تبون إلى مطار العاصمة.

الرئيس تبون مع رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية (الرئاسة)

وأطلق الرئيس منذ أشهر «حواراً سياسياً» مع الأحزاب المعارضة والموالية له، وذلك بتنظيم لقاءات مع قادتها في مقرّ الرئاسة. كان آخرها اللقاء الذي جمعه برئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، عبد العالي حساني، الذي دعا الرئيس، حسب قياديين في الحزب، إلى «رفع القيود عن العمل السياسي، والإفراج عن الناشطين السياسيين لتهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات، ووضع حد لتكميم وسائل الإعلام». ونقل القياديون ذاتهم عن تبون أنه «لم يصدر أي أمر بالتضييق على الناشطين السياسيين منذ توليه الحكم نهاية 2019»، وأن الدستور الذي وضعه في 2020، يكفل حسبه، «الحريات والممارسة الديمقراطية وحرية الصحافة».

لقاء بين الرئيس تبون وزعيمة حزب العمال في 11 ديسمبر 2023 (الرئاسة)

وأكد مناضلو أحزاب استقبل الرئيس زعماءها في حديث لهم مع «الشرق الأوسط» أن الرئيس تبون شدد في اجتماعاته بهم على أنه «حقق جزءاً كبيراً من مطالب الحراك، خاصة ما تعلق بإرساء دولة القانون والتصدي للفساد»، الذي تقول السلطات الحالية إنه «بلغ مستويات قياسية» في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

في المقابل، ذكرت «اللجنة الوطنية للإفراج مع معتقلي الحراك»، في تقرير حديث، أن عددهم بلغ 250، وأن الكثير منهم يتواجدون في السجن من دون محاكمة منذ أشهر طويلة.

وكانت السلطات استقبلت العام الماضي مقررين حقوقيين أمميين لإجراء معاينة، حول «الحالة الحقوقية» في البلاد. وأوصت تقاريرهم بعد نهاية مهامهم الحكومة بـ«التخلي عن الملاحقات الأمنية والمتابعات القضائية ضد النشطاء السلميين».