هل يستحق روي هودجسون هذه النهاية مع كريستال بالاس؟


عندما خرج روي هودجسون من الملعب بعد هزيمة فريقه كريستال بالاس أمام تشيلسي، لا بد أنه أدرك أن أيامه مع ناديه اللندني باتت معدودة.

بعد أقل من 11 شهراً من عودته لتولي القيادة الفنية لكريستال بالاس خلفاً للفرنسي باتريك فييرا، لم يكن المدير الفني المخضرم، الذي زار ملعب «سيلهيرست بارك» لأول مرة عندما كان يبلغ من العمر ستة أعوام في الخمسينات من القرن الماضي، يتخيل أبداً أن الأمر سيصل بالفريق إلى هذا الحد.

إن الموسم الحالي، الذي جعل هودجسون أكبر مدير فني في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز على الإطلاق – وهو الرقم القياسي الذي سجله هودجسون نفسه حتى قبل استجابته لنداء رئيس كريستال بالاس، ستيف باريش، ليعود المدرب السابق لليفربول وإنتر ميلان الإيطالي لقيادة بالاس للمرة الثانية في مارس (آذار) 2023 الماضي، بعد أن أشرف على تدريبه سابقاً من 2017 إلى 2021.

وتولي قيادة الفريق في مارس (آذار) 2023 الماضي – شهد الكثير من الضغوط، حيث عانى الفريق من غياب العديد من العناصر الأساسية بداعي الإصابة، وتراجع الأداء بشكل كبير على مدار عدة أسابيع. لكن الأخبار التي تفيد بأنه قد تم نقله إلى المستشفى لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة بعد إصابته بالمرض خلال حصة تدريبية بعد الخسارة أمام تشيلسي كانت بمثابة تطور مثير للقلق للغاية. لقد تسبب هذا الموسم في قلق كبير للمدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي، ليعلن تنحيه عن منصبه قبل ثلاثة أشهر من نهاية الموسم.

وأوضح هودجسون بعد الخروج من المستشفى: «هذا النادي مميز جداً ويعني الكثير بالنسبة لي وقد لعب دوراً كبيراً في حياتي الكروية. لقد استمتعت تماماً بوقتي هنا على مدار ستة مواسم، حيث منحني الفرصة للعمل مع لاعبين من الطراز الأول وجهاز فني يفعل كل ما أحبه كل يوم».

وتابع: «أود أن أشكر ستيف باريش وشركائه على دعمهم. كما أتقدم بالشكر والاحترام للفريق الحالي من اللاعبين الذين كان من دواعي سروري العمل معهم».

واختتم قائلاً: «أنا واثق من أن الموسم سينتهي بشكل جيد وأتمنى للفريق كل النجاح في الأسابيع والأشهر والمواسم المقبلة… نظراً للظروف الأخيرة، قد يكون من الحكمة في هذا التوقيت أن يخطط النادي للمستقبل».

بلغ هودجسون 76 عاماً قبل ثلاثة أيام من المباراة الافتتاحية لكريستال بالاس هذا الموسم أمام شيفيلد يونايتد، لكنه أظهر أنه لا يزال يحتفظ بروحه القتالية القديمة خلال مواجهة مع لاعب شيفيلد يونايتد، ماكس لوي، التي انتهت بتعرضه للكمة في الضلوع من قبل اللاعب الذي يصغره بـ50 عاماً. وقال لوي: «عضلات بطنه أقوى مما كنت أعتقد. قال روي إنه كان سعيداً جداً بردة فعله، لأنه لم يكن يعلم أن عضلاته لا تزال بهذه القوة!».

وعلى الرغم من أن هودجسون بدأ مسيرته مع كريستال بالاس بشكل جيد في حقبة ما بعد التخلي عن أهم مهاجميه وهو العاجي ويلفريد زاها، بعد موافقته على البقاء لمدة عام آخر، فإنه تعرض للمرض قبل مباراة فريقه أمام أستون فيلا في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما كان بمثابة تذكير بتراجع حالته الصحية.

وقال هودجسون إن الرحلة مع العلاج كانت «محبطة ومخيبة للآمال للغاية»، ويرجع ذلك أساساً إلى أن الأطباء لم يتوصلوا إلى الأسباب التي أثرت على صحته، وقال: «بعد كل الرعاية الممتازة التي تلقيتها – الاختبارات والطريقة التي كان الناس يتسابقون بها لرعايتي والاطمئنان علي – لا يمكن بإمكان الناس التأكد بنسبة 100 في المائة الأسباب التي جعلتني فجأة أذهب إلى المستشفى بعد أن توقعوا أنني سأتناول الغداء وأذهب بعدها إلى المباراة».

لكن على ما يبدو أن هذا الموسم شهد الجزء الأكثر إزعاجاً لهودجسون عندما أطلق تصريحاته المثيرة وكررها أكثر من مرة، بأن المشجعين «أفسدوا الأجواء هنا في الآونة الأخيرة»، لعدم تقديرهم أن الإصابات المستمرة التي لحقت بأفضل مهاجمين إيبيريشي إيزي ومايكل أوليس جعلت الفريق يفتقر إلى اللاعب المبدع القادر على تغيير مجريات الأمور. لقد تجنب هودجسون التهديد المباشر بالإقالة مرتين، بعدما قاد أوليس الفريق لتحقيق الفوز على كل من برنتفورد وشيفيلد يونايتد. لكن بحلول الوقت الذي خرج فيه أوليس متأثراً بإصابة خطيرة أخرى في أوتار الركبة بعد 11 دقيقة فقط من نزوله بديلاً عندما كان كريستال بالاس متأخراً بثلاثية نظيفة أمام غريمه التقليدي برايتون، كان من الواضح أن أيام المدير الفني المخضرم باتت معدودة.

وعبر المشجعون عن غضبهم خلال المباريات الأخيرة عن طريق سلسلة من اللافتات التي تنتقد مُلاك النادي، وهو ما دفع هودجسون إلى وصف المأزق الذي يمر به كريستال بالاس بأنه «أصعب فترة في مسيرتي التدريبية لسبب واحد، وهو أن المشجعين قد انقلبوا ضدنا كثيراً». ونظراً لأن هودجسون تولى تدريب 22 فريقاً في ثمانية بلدان مختلفة، فإن هذه التصريحات تعد بمثابة اتهام واضح لجمهور كريستال بالاس بعدم وقوفه إلى جانب الفريق في هذه الفترة الصعبة. وقال هودجسون بعد الخسارة أمام برايتون: «الأمر مؤلم بعض الشيء، لكنني بالتأكيد لن أخاف من تلك الأشياء».

ويُعتقد أن باريش، الذي أعرب مرة أخرى عن امتنانه الأبدي لهودجسون للدور الذي لعبه في الإبقاء على كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لفترة طويلة، كان يتحدث مع المدير الفني المخضرم بانتظام خلال الفترة الأخيرة التي كان يقدم فيها الفريق مستويات سيئة. كان باريش يفضل الانتظار حتى نهاية الموسم ليتعاقد مع بديل لهودجسون، لكنه في الوقت نفسه كان مقتنعاً بأن هناك حاجة إلى التغيير بعدما حقق الفريق أربعة انتصارات فقط في 18 مباراة بالدوري، وهو ما أدى إلى مواجهة النادي لشبح الهبوط لدوري الدرجة الأولى. وقال باريش: «بعد أربع سنوات قاد خلالها النادي للحفاظ على مكانته في الدوري الإنجليزي الممتاز موسماً تلو الآخر، انضم إلينا مرة أخرى منذ عام تقريباً لإضافة الاستقرار، وقد قام بعمل رائع. إن موافقته على الاستمرار خلال الصيف تعكس مدى التزامه الهائل تجاه نادينا».

غلاسنر يأمل النجاح في بالاس بعد بداية مثالية وفوز أول (رويترز)

وتولى النمساوي أوليفر غلاسنر، المدير الفني السابق لآينتراخت فرانكفورت الألماني، قيادة كريستال بالاس بعدما أثار إعجاب باريش والمدير الرياضي، دوغي فريدمان، خلال سلسلة من الاجتماعات على مدار الأسابيع القليلة الماضية. وكان النادي قد درس أيضاً إمكانية إسناد المهمة لكيران ماكينا، المدير الفني لإبسويتش تاون، أو ستيف كوبر، الذي أقيل من تدريب نوتنغهام فورست في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتم التأكيد على تولي غلاسنر القيادة الفنية لكريستال بالاس قبل رحلة الفريق لمواجهة إيفرتون الأسبوع الماضي، والتي انتهت بالتعادل 1-1، بعد أن شوهد النمساوي وهو يلتقي باريش في أحد الفنادق اللندنية ثم التوجه لمشاهدة مباراة توتنهام ضد وولفرهامبتون.

ومنح كريستال بالاس المدرب الجديد غلاسنر أفضل بداية بالفوز 3-صفر على بيرنلي السبت في أول مباراة له على راس الجهاز الفني، وهو ما جعل الجماهير في ملعب سيلهورست بارك المشمس تنسى الاحتجاجات الأخيرة وتعود لإنشاد الأغنية الشهيرة لهم «سعيد بانتهاء كل شيء» بحماس متجدد.

وتقدم بالاس إلى المركز 14 برصيد 28 نقطة، بفارق ثماني نقاط عن منطقة الهبوط مما سيمنح غلاسنر دفعة معنوية قوية في بقية مشوار هذا الموسم.

لكن في المقابل لم يكن هودجسون يتهرب أبداً من أي سؤال يُطرح عليه بشأن مستقبله مع الفريق، وأكد في أعقاب الخسارة أمام تشيلسي على أنه يستطيع إبعاد كريستال بالاس عن شبح الهبوط. لم يكن المدير الفني السابق لأندية بلاكبيرن وليفربول وفولهام وويست بروميتش ألبيون (على سبيل المثال لا الحصر) واحداً من الأشخاص الذين يتجنبون التحديات، لكن ربما كان يتعين عليه هو وباريش أن يفكرا فيما إذا كانت هذه هي الطريقة المثلى لإنهاء هذه المسيرة المتميزة!

*خدمة «الغارديان»