براغ جمعت المال اللازم لشراء 300 ألف قذيفة لأوكرانيا

زيلينسكي في إسطنبول لمحادثات مع إردوغان بشأن الحرب والبحر الأسود

أكدت تركيا مجدداً ضرورة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الثالث وعدم إطالتها أكثر من ذلك. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال لقائه مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في إطار اجتماعات الآلية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين، ضرورة حل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا ضمن سلامة الأراضي والسلامة السياسية لأوكرانيا.

ملف الحرب الروسية الأوكرانية كان حاضراً في لقاء وزير الخارجية التركي مع أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن الخميس (الخارجية التركية)

وجاءت تصريحات وزير الخارجية التركي قبل ساعات من وصول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إسطنبول، الجمعة، للقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. ويرافق زيلينسكي في زيارته لتركيا، التي تأتي بعد آخر زيارة قام بها في 7 يوليو (تموز) 2023، وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف.

وقال مكتب زيلينسكي إن الرئيسين سيناقشان مقترح كييف لإنهاء النزاع، بالإضافة إلى «أمن الملاحة في البحر الأسود والاستقرار الغذائي العالمي والإفراج عن السجناء الأوكرانيين والسجناء السياسيين الذين تحتجزهم الدولة الروسية». وقال مصدر دبلوماسي تركي لوكالة الصحافة الفرنسية إن أنقرة «ستؤكد مرة أخرى على استمرار دعمنا القوي لوحدة أراضي وسيادة واستقلال أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم».

توقيع اتفاق الحبوب في إسطنبول يوم 22 يوليو 2022 (رويترز)

وقال مكتب زيلينسكي إن الرئيس الأوكراني سيزور أيضاً أحواض بناء سفن، حيث يجري بناء طرادات لبحريته، ويلتقي ممثلي شركات تركية تعمل في صناعات الدفاع، الجمعة.

تطورات الحرب واتفاقية الحبوب

وقالت مصادر تركية، قبل لقاء إردوغان وزيلينسكي في إسطنبول، إن مسار الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا، وآخر التطورات بخصوص الجهود المتعلقة باستئناف اتفاقية الحبوب، وبحث السلام الدائم في المنطقة والعودة إلى المفاوضات بين موسكو وكييف، هي محور اللقاء، فضلاً عن تطورات إعداد ترتيب جديد حول السلامة الملاحية للسفن التجارية بين روسيا وأوكرانيا بعد إنهاء اتفاق الحبوب.

سفينة «نافي ستار» محملة بالحبوب الأوكرانية تنتظر مغادرة ميناء أوديسا على البحر الأسود (أ.ب)

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، الاثنين، إن بلاده تدرس مبادرة تركية لتأمين السفن التجارية في البحر الأسود.

وكان الرئيس رجب طيب إردوغان قد قال، في رسالة مصورة بعثها إلى قمة أوكرانيا وجنوب شرقي أوروبا التي عُقدت في ألبانيا، 28 فبراير (شباط) الماضي، إن «هناك حاجة إلى نظم لضمان سلامة السفن التجارية في البحر الأسود، ونواصل التشاور مع الأمم المتحدة من أجل لائحة تعهدات أمنية. وخلال الأيام الأخيرة التي سبقت لقاء إردوغان وزيلينسكي، كررت أنقرة رسائلها بشأن التمسك بوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها، وضرورة العودة إلى مفاوضات السلام ووقف إطلاق النار».

وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن الوقت حان لبدء حوار بين روسيا وأوكرانيا؛ لوقف إطلاق النار، بغض النظر عن قضية السيادة.

وقال فيدان، في مؤتمر صحافي، الأحد الماضي، في ختام «منتدى أنطاليا الدبلوماسي» في أنطاليا جنوب تركيا: «من وجهة نظرنا، بلغ الطرفان حالياً الحد الأقصى مما يستطيعان بلوغه عبر الحرب». وشدد على أن «ذلك لا يعني الاعتراف باحتلال القوات الروسية أراضي أوكرانية، وبالنسبة لنا ينبغي التعامل مع وقف إطلاق النار وقضية السيادة بشكل منفصل».

وزيرا الخارجية التركي والروسي بحثا الأسبوع الماضي في أنطاليا إمكانية استئناف المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا (وزارة الخارجية التركية)

وأضاف أنه بحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، خلال لقائهما على هامش أعمال المنتدى، كثيراً من القضايا، في مقدمتها تطورات الحرب الروسية – الأوكرانية، وسبل استئناف اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود.

وجاء لقاء فيدان ولافروف قبل زيارة يقوم بها فيدان حالياً للولايات المتحدة، حيث عقدت الدورة السابقة من اجتماعات آلية «الحوار الاستراتيجي التركي – الأميركي»، يومي الخميس والجمعة، شكلت الحرب الروسية الأوكرانية أحد بنودها المهمة.

والشهر الماضي، أكد إردوغان استعداده «بشكل مستمر ‏للتوسط بين روسيا وأوكرانيا؛ لوقف الحرب والتوصل إلى سلام ‏عادل بين البلدين». وقال إردوغان حينها: «لقد حققنا، حتى الآن، نتائج ملموسة تخدم السلام في الحرب الروسية – الأوكرانية، حدث كثير من التطورات المهمة، بدءاً من تبادل الأسرى، وحتى اتفاقية ممر الحبوب في البحر الأسود، حتى إننا جمعنا الطرفين في تركيا أكثر من مرة. يمكننا فعل ذلك مرة أخرى وفتح الباب أمام السلام من خلال إدارة عملية موجهة نحو الحلول، وخالية من التأثيرات الخارجية».

وسبق أن استضافت تركيا مفاوضات غير رسمية بين روسيا وأوكرانيا، خلال الدورة الثانية لـ«منتدى أنطاليا الدبلوماسي» عام 2022، أعقبتها جولة بين وفدَي التفاوض عُقدت في إسطنبول، دون التوصل إلى نتائج.

وفي يوليو الماضي، انسحبت روسيا من اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود الموقعة في إسطنبول في يوليو 2022، والتي سمحت بتصدير 33 طناً من الحبوب من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، بسبب تجاهل مطالبها بوضع بنود أفضل فيما يتعلق بصادراتها من الحبوب والمواد الغذائية والأسمدة.

وتحاول أنقرة إقناع موسكو بالعودة إلى الاتفاق الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة، لكن روسيا تقول إنها غير مهتمة بإحيائه.

الحفاظ على التوازن

وتشترك تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، في حدود بحرية مع أوكرانيا وروسيا في البحر الأسود وسعت إلى الحفاظ على علاقات ودية مع كل منهما أثناء الحرب. وقدمت دعماً عسكرياً لأوكرانيا، وفي المقابل عارضت العقوبات الغربية على روسيا.

وأسهمت في تسليح أوكرانيا، ودعت إلى احترام سيادتها، وتؤيد انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). وزودتها بمسيرات «بيرقدار تي بي 2» القتالية، لكن ضمن اتفاق تجاري كان قد أبرم بين شركات من البلدين قبل الحرب.

سفينة شحن تنقل حبوباً من أوكرانيا تعبر مضيق البسفور في تركيا (رويترز)

والشهر الماضي، قال سفير أوكرانيا في أنقرة، قاسيل بودنار، إن بلاده تواصل المضي قدماً في خطط إقامة مصنع للمسيّرات التركية على أراضيها، كما تعمل على اقتناء المقاتلة التركية من الجيل الخامس (كآن) التي بدأت تركيا تجارب التحليق عليها الشهر الماضي.

وفي ختام زيارته لتركيا في يوليو 2023، حيث التقى إردوغان في إسطنبول أيضاً، اصطحب زيلينسكي معه 5 قادة سابقين للكتيبة الأوكرانية (آزوف)، التي دافعت عن مدينة ماريوبول رغم اتفاق لتبادل الأسرى توسطت فيه تركيا في 2022 اشترط بقاءهم لديها حتى نهاية الحرب.

ونددت روسيا بعودة القادة الخمسة للكتيبة التي أعلنتها مجموعة إرهابية، قائلة إنه يشكل «خرقاً مباشراً جديداً لشروط اتفاقات مبرمة». وتسببت الحادثة في فتور في العلاقات المتصاعدة بين تركيا وروسيا، لكن جرى تجاوزها خلال زيارة قام بها إردوغان في أغسطس (آب) 2023 إلى روسيا حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين في سوتشي.

وينتظر أن يقوم بوتين بزيارة لتركيا في مايو (أيار) المقبل، بعدما أعلنت أنقرة من قبل أنه سيجريها في 12 فبراير الماضي، لكن موسكو قالت إنه لم يجرِ تحديد موعد لها.

وتبذل تركيا مساعي لتحسين علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة مع الحفاظ على علاقاتها مع روسيا، من خلال امتثالها الجزئي للعقوبات المالية ضد موسكو.

وناقش وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظيرة الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان وأعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي رفع العقوبات الأميركية التي استهدفت صناعة الدفاع التركية شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي «إس – 400»، الذي يخشى أعضاء «الناتو» من أنه قد يشكل خطراً على طائرات الشبح من الجيل الخامس «إف – 35».

وجرى إخراج تركيا من برنامج لتصنيع وتطوير «إف – 35»، وهو مشروع متعدد الأطراف ضمن «الناتو»، وتتفاوض أنقرة مع واشنطن لاسترداد 1.4 مليار سبق أن وضعتها مقدماً للحصول على 100 طائرة من هذا النوع.

وصادقت تركيا في يناير (كانون الثاني) على انضمام السويد لـ«الناتو»، وهو ما فتح الطريق لحصولها على مقاتلة «إف – 16» الأميركية، وتأمل في إزالة العقوبات على صناعاتها الدفاعية، ولا تبدي اهتماماً كبيراً بالحصول على «إف – 35».