بريطانيا «مصدومة من حمام الدم» في غزة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: بريطانيا «مصدومة من حمام الدم» في غزة اليوم 2024-04-06 23:53:22

الصيادون في غزة يتحدون الحرب ويتشبثون بـ«شباكهم»

مع شروق الشمس، يشرع الصياد الفلسطيني نبيل المسارعي في عمله، فيدفع قاربه الصغير بمجذافيه نحو البحر، ثم يبحر لمسافة قليلة قبالة شاطئ خان يونس في جنوب قطاع غزة، متنقلاً شمالاً وجنوباً في منطقة محدودة دون أن يستطيع الدخول في عمق البحر؛ خشية أن تستهدفه القوات البحرية الإسرائيلية التي تظهر زوارقها الضخمة بالعين المجردة.

يستمر المسارعي (30 عاماً) لبضع ساعات قبل أن يعود أدراجه إلى الشاطئ، حاملاً قليلاً من الأسماك التي يصطادها رغم المخاطر المحدقة به، سواء احتمال تعرضه لإطلاق النار من البحرية الإسرائيلية كما هو معتاد في ظروف ما قبل الحرب، أو الرياح العاتية.

ينتقل المسارعي، الذي يمتهن الصيد منذ كان صغيراً في دير البلح، إلى البحر في خان يونس يومياً؛ بحثاً عن منطقة صخرية يزيد فيها احتمال وجود الأسماك، فضلاً عن هدوئها مقارنة بمناطق أخرى تعرّض فيها ابن عمه لقصف إسرائيلي وقُتل على الفور قبل أشهر.

يضطر الصياد، وهو أب لأربعة أبناء، إلى العمل في الصيد في وقت الحرب بعد تعطله لنحو شهرين في بداية الصراع حتى كاد الجوع يتسلل إلى أطفاله بعد نفاد ما كان يوفره سابقاً. وقال إنه لم يفكر كثيراً، وقرر العودة لممارسة مهنته دون النظر لحجم الخطر الذي يهدد حياته، لكي يتمكّن من شراء الدقيق والمواد الغذائية لعائلته.

ويقول المسارعي، الذي يسهم أيضاً في توفير احتياجات والديه وأشقائه، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «أدرك أن العمل بمهنة الصيد في ظل ظروف الحرب لا يعني سوى الموت كما حدث مع غيري، لكن لا نعرف غيرها ولا يوجد أصلاً أي عمل آخر خلال هذه الأيام الصعبة، وليست لدي خيارات أخرى سوى العمل بأي طريق لتوفير قوت أطفالي».

ويتساءل: «حتى ما أصطاده بالكاد يوفر الخبز… فكيف إذا جلست دون عمل؟ مَن سيطعم عائلتي ويوفر لابني الذي لم يكمل عامه الأول الحليب؟ ماذا سأقول لأبنائي عندما يطلبون مني علبة فول أو الزيت أو الزعتر ليفطروا بها؟ هل مقبول أن أجلس أندب حظي وخوفي من الموت وفرصة العمل أمامي؟!».

صياد في غزة (وكالة أنباء العالم العربي)

وعلى القارب ذاته يعمل رفيقه أحمد (28 عاماً) الذي تتشابه ظروفه مع ظروف المسارعي، لكنه يصرّ على مواصلة العمل ومحاولة توفير ما يمكن توفيره، حتى لو لم يخرجا معاً بقليل من الأسماك التي لا تصلح للبيع.

يشير الصياد إلى أنه في بعض الأحيان لا يفلح سوى في اصطياد قليل من الأسماك بما لا يزيد على 3 كيلوغرامات ولا يحظى بقبول الزبائن، فيكون هذه الكمية نصيبَ عائلته التي تنتظره على أحر من الجمر، على حد تعبيره.

يجتهد أحمد في تنظيف بعض أصناف الأسماك بناء على طلب زبون كان ينتظره على الشاطئ بعد وزنه بميزان يدوي، قبل أن يبدأ في ترتيب أدوات صيده ويضعها في مظروف صغير إلى جانب القارب انتظاراً ليوم آخر من الصيد المحفوف بخطر الموت.

ويقول الصياد: «لقمة العيش هنا تساوي الموت، ونحن نختارها مع وجود هذه الاحتمالية الكبيرة، فالكل معرض للموت خلال هذه الحرب ولا يمكننا انتظاره ليأتي بالقصف أو الجوع، سنعمل حتى آخر نفس علنا نطعم صغارنا قبل وصولهم لمرحلة التجويع الحقيقي».

وأضاف: «أودع عائلتي كل صباح وأظل أنا وهم في حالة قلق مستمر حتى العودة إليهم».

وارتفعت أسعار الأسماك مع نفاد اللحوم البيضاء والحمراء من الأسواق في جنوب قطاع غزة، لكنها عاودت التراجع في الآونة الأخيرة بعد توريد كميات من اللحوم والدجاج المجمد من مصر عبر معبر رفح، لكنها تظل مرتفعة مقارنة بما قبل الحرب.

وعلى مسافة نحو 500 متر، يمضي الصياد إياد الأقرع (32 عاماً) كامل يومه وهو يمد سنارته داخل البحر، لعله يظفر بقليل من الأسماك يعود به لعائلته أو يبيع هذه الأسماك إن كانت كميتها تتجاوز 3 كيلوغرامات.

يلجأ إياد إلى الصيد بالسنارة؛ خشية استهداف قاربه الصغير الذي نقله مع بداية الحرب إلى مكان سكنه في دير البلح بعدما قصفت البحرية الإسرائيلية غالبية القوارب على الشاطئ، فآثر الاعتماد على السنارة؛ للحفاظ على نفسه وقاربه.

يقف الصياد غالبية وقته، ويجلس قليلاً، ويمضي في أحيان كثيرة معظم النهار دون أن يصطاد ما يكفي عائلته، فيعود خاوي الوفاض انتظاراً لليوم التالي دون أن يتسلل اليأس إلى نفسه، كونه اعتاد على ذلك خلال 12 عاماً من عمله في الصيد.

وبينما يوضح إياد أنه يستشعر الخطر كونه يعمل في أوضاع حرب مميتة، ولا ضمان لعدم استهدافه من الزوارق الإسرائيلية التي اعتادت إطلاق النار والقذائف على الصيادين، فإنه يؤكد استمراره في عمله لعدم وجود بدائل أخرى لإطعام أطفاله الأربعة.

↩️ التفاصيل من المصدر – اضغط هنا